منوعات

د. عمر الشريف يكتب..الخبر الوافي في ترجمة النور الونائي ..

بقلم: د. عمر محمد الشريف

الإمام العالم العلامة ، الفقيه المحدث المسند ، الحبر الكبير والبحر الغزير ، فريد العصر والزمان ، مربي المريدين ، وقدوة المقتدين ، حجة الناظرين ، محيي سنة سيد المرسلين ، نور الدين أبو الحسن علي بن عبد البر بن علي الونائي الأزهري الحسني نسباً الشافعي مذهباً الخلوتي مشرباً .

ينتمي الشريف الونائي للأسرة الإدريسية الهاشمية حيث ينتهي نسبه للسيد عبدالله الحلفاوي بن عيسى بن حماد بن داود أبي يعقوب بن تركي بن قرشلة بن أحمد بن على بن موسى بن يونس بن عبدالله الأصغر بن إدريس صاحب التاج بن إدريس الأكبر بن عبدالله المحض بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن الإمام علي كرم الله وجهه والسيدة فاطمة الزهراء بنت سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم .

والونائي نسبة لقرية “ونا” بصعيد مصر ، ولد رحمه الله بالقاهرة عام ١١٧٠هـ ، ولزم كلاً من العلمين الشامخين الشمس محمد بن علي الشنواني ، وأبي الحسن القطوري ، كما أخذ الطريقة الخلوتية عن سيدي أحمد الدردير ، كان عارف بالحديث ، عالم بالفرائض ، وصاحب عبادات ومجاهدات وكرامات ، ألف في علوم كثيرة وهو ابن ثمان عشرة سنة فقط ، فكان نابغة بحق .

قال عنه شيخه الحافظ العلامة السيد محمد مرتضى الزبيدي (المتوفى١٢٠٥هـ) في كتابه “المعجم المختص”: “لازمني ملازمة تامة وطبق الطباق ، وضبط الأسماء ، وعرف الأسانيد والرجال ، وتدرج في فنون الحديث” .

وكان الزبيدي يبجله كثيراً و يعتمد عليه ، فلما شرع في تأليفه شرح “الإحياء” ، والذي سماه “إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين” ، كان كلما كتب منه جملة كراريس عرضها عليه ، وأذن له في محو ما شاء ، وإثبات ما شاء .

وقال إبراهيم شعبان المرشدي تعليقاً على ذلك في كتابه “المحُدثون في رحاب الأزهر الشريف” : “وصنيع المرتضى الزبيدي في عرض كتابه عليه لافت للنظر ، ويستدعي الوقوف لإدراك أن الرجل كان خبيرا بالعلل ، ومشتعلا بالجرح والتعديل ، حتى إنه استدرك أشياء على الحافظ المرتضى الزبيدي وهو مَنْ هو جلالةً ورفعة” .

أخذ عن أئمة أعلام ، ومن أجل الشيوخ الذين أخذ عنهم شيخه العلامة الشهاب أحمد ابن الإمام أحمد جمعة البجيرمي الشافعي ، وهو عن المعمر أحمد بن رمضان بن عزام الرعيلي الشافعي الأزهري ، عن الشمس البابلي ، إجازة عن الشمس الرملي، والعارف بالله الشعراني ، إجازه عن شيخ الإسلام زكريا الأنصاري بسنده .

وروى عامة عن الحافظ الزبيدي والشهاب أحمد الدردير ، وابن عبد السلام الناصري الدرعي ، ومحمد بن عبد ربه بن الست المالكي وهو أعلى شيوخه المصريين ، وأعلى شيوخه إسناداً المعمر الإمام عبد القادر بن أحمد بن محمد بن القاسم الأندلسي الأصل نزيل مصر .

عاش الونائي أكثر حياته في مصر ، وانتقل لمكة المكرمة عام ١٢٠٣هـ فظل بها مدة ثلاث سنوات يبث فيها علومه ، ثم عاد لمصر فمكث بها زمنا ً، ثم انتقل للمدينة النبوية على ساكنها أفضل الصلاة والسلام ، وتوفي بها في ٢١ محرم من عام ١٢١١هـ ، عن عمر يناهز ٤١ عاماً .

قال عنه السيد محمد عبد الحي الكتاني (المتوفى١٣٨٢هـ) في “فهرس الفهارس”: “الفقيه المحدث المسند الصوفي الإمام العلامة …. وقال عنه أيضا: هذا الرجل من نوابغ المصريين ، ولو طال عمره لأنسي ذكر كثير من مشايخه” .

ومن العلماء الذين حضروا دروس العلامة الونائي ، الشيخ زهير بن حسن بن علي بن سليمان بن سنجر بن عبدالله اليساري ، وقد أجاز الونائي رحمه الله من كان موجوداً بعصره من العلماء، ومن أعالي ما له من الأسانيد ، مثل:

الشيخ عمر عبد الكريم بن عبد الرسول العطار المكي ، وولده الشيخ محمد بن عمر ، الشيخ صالح بن محمد الفلاني المالكي ، الشيخ المسند محمد بن مصطفى البسنوي المدني ، الشيخ صديق ابن عبد الله ربيع العطار ، الشيخ حسن بن إبراهيم البستاني الحنفي ، والمؤرخ عبد الرحمن الجبرتي ، والشيخ محمد شفيع الهندي الحنفي .

كما سمع منه الشيخ محمد صالح بن إبراهيم الزمزمي المكي (المتوفى١٢٤٠هـ) وأخذ عنه الفقه ، والتفسير ، والحديث ، والتصوف ، وأجازه الونائي بذلك إجازة عامة وخاصة .

من أشهر مؤلفاته “عمدة الأبرار في أحكام الحج والاعتمار” ، المطبوع بمطبعة مكة المشرفة ، والكتاب خاص بمناسك الحج والعمرة على مذهب الإمام الشافعي ، ولقد لخص فيه العلامة الونائي رحمه الله شرح العلامة عبد الرؤوف الزمزمي على مختصر شيخه العلامة ابن حجر الهيتمي وغيره ، وجامعاً فيه بين قولي العلامتين الشمس الرملي والشهاب ابن حجر ، وهؤلاء الفقهاء من أعلام المذهب الشافعي ، وقال أحد الأفاضل عن هذا الكتاب:

إن رمت اتقان المناسك يا فتى
فانهض لصافي عذبه الموار

لم لا وسيدنا علي بابه
نجل البتول وبضعة المختار

الهاشمي الزاهد الورع الذي
مدت له العيا يد الأقدار

الجهبذ العلامة البر الذي
أضحت مسائله ضياء الساري

فجزاه رب العرش من بحر الرضا
وأثابه الحسنى مع الأبرار

وللعلامة الماجد ضياء الإسلام يوسف بن محمد البطاح الأهدل رحمه الله (المتوفى ١٢٤٦هـ) رسالة في الحج ، شرح فيها منسك العلامة الونائي .

ومن تصانيف العلامة النور الونائي:
-البرهان المرفق في علم المنطق .
-مورد الظمأن إلى مولد خير ولد عدنان .
-دليل السالك إلى مالك الممالك .
-شرح صلوات الدردير .
-فيوض الملك الدائم على شباك ابن الهائم .
-الإعجاز في المجاز .
-المنح الإلهية بشرح بعض الأوراد البكرية .
-عناية الملك الرحمن في حكم شرب الدخان في شهر رمضان .
-الدرر السَّنِية بشرح الكنوز البهية في علم النحو .
-الزهرة العليا في التحذير من متاع الحياة الدنيا .
-تحفة الأفكار الألمعية بشرح السبط للرحبية .
-الكلمات الجلية في بيان المراد من الأجرومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى