سياسة

حرب أكتوبر ٧٣

الحلقة الثالثة
الأبعاد السياسية لمعركة العبور

بقلم: لواء محمد رشاد
وكيل المخابرات العامة سابقا
ورئيس ملف الشئون العسكرية الإسرائيلية من بعد نكسة ٦٧ حتى كامب دافيد

أعلن الرئيس السادات في مجلس الأمن القومي يوم ٣٠سبتمبر١٩٧٣ حتمية المعركة مع إسرائيل والإنتقال من الدفاع الي التعرض بالإضافة الي انه لن يقطع الحوار مع الولايات المتحدة الأمريكية ، ولكننا سنواصله بعد ان نكون قد كسرنا وقف إطلاق النيران .

ولقد سبق ان حاولت مصر من خلال مجهودات السيد حافظ اسماعيل (مستشار الرئيس للأمن القومي) حث الولايات المتحدة الأمريكية علي التدخل لحل الأزمة وأجتمع مع د.كيسنجر مستشار الرئيس الأمريكي للأمن القومي مرتين في باريس في فبراير وأبريل ١٩٧٣ ، والذي علق على طلبات مصر بانها طلبات المنتصر وأنتم مهزومون ، ولابد من تقديم بعض التنازلات حتى نستطيع مساعدتكم ، ولإملاء شروطكم هذه لابد ان تغيروا الواقع الذي تعيشونه ولست أدعوكم إطلاقا لتغيير الوضع العسكري لأن إسرائيل سوف تنتصر مرة أخرى مما يصعب علينا عمل اي شئ لكم وفي نهاية تقييم الموقف كان القرار السياسي انه لا أمل في تحقيق السلام عن طريق أمريكا طالما ان إسرائيل لا تريده .

ولقد بدأت القيادة السياسية محاولات عديدة للحصول على دعم الإتحاد السوفيتي الا انه كان قاصرا عن التمشي مع طلبات مصر من التسليح ، الأمر الذي سبب شرخا في العلاقات مع الإتحاد السوفيتي وتصاعده قبل حرب أكتوبر ٧٣(طرد الخبراء السوفيت) ، وتطلب الأمر من القيادة السياسية المصرية بدء الحوار وتكثيفه مع الولايات المتحدة الأمريكية ، والحرص على إستمراره وعندما نجحت القوات المسلحة المصرية في إقتحام قناة السويس والإستيلاء علي خط بارليف ، وتعزيز الدفاعات شرق القناة بدأ تحرك الموقف السياسي لإهتمام الولايات المتحدة الأمريكية بالموقف على الجبهة المصرية ، والذي على ضوئه بدات القيادة السياسية بالعمل على تغذية هذا الإتجاه على النحو التالي:

* توجيه القيادة السياسية رسالة إلى د.كيسنجر يوم ٧ أكتوير تضمنت نية مصر في عدم توسيع المواجهة أو تعميق الإشتباكات .
* تطوير الهجوم بعبور الفرقة ٢١ مدرعة رغم إنعدام نتائجه العسكرية لإستمرار تصعيد الموقف عسكريا على الجبهة المصرية للمحافظة على قوة الدفع للموقف السياسي لتحقيق أهدافه من المعركة ، وإستمرار الضغط على الموقف الإسرائيلي والأمريكي بصفة خاصة .
* الحصول على دعم الدول العربية المنتجة للبترول لدعم الموقف العسكري العربي وفتح جبهة إقتصادية للضغط على الدول الغربية والولايات المتحدة الأمريكية والذي أدى تفعيله بجانب العمل العسكري إلى قلب الموازين السياسية والدبلوماسية ضد إسرائيل وشكل سلاحا فعالا في المعركة .

ولقد كانت زيارة د.كيسنجر للقاهرة يوم ٦ نوفمبر ١٩٧٣ تتويجا لتحقيق الهدف السياسي الإستراتيجي للقيادة السياسية المصرية من حرب أكتوبر ١٩٧٣ لفض الإشتباك مع الولايات المتحدة الأمريكية ، وفتح صفحة جديدة معها لأنها وحدها من وجهة نظر القيادة السياسية القادرة على تحريك الموقف السياسي في الشرق الأوسط بدون التعاون مع الإتحاد السوفيتي ، والتي إستمرت في جهودها لإحلال السلام في الشرق الأوسط ، والتي ترتب عليها إتفاقية كامب دافيد ومعاهدة السلام المصرية الإسرائيلية بدء”من سنة ١٩٧٩ .

وبذلك نكون قد إنتهينا من تقييم حرب أكتوبر ١٩٧٣ بما لها وعليها بحيادية تامة من وجهة النظر الإستراتيجية ، ولقد بذلت المخابرات العامة مجهودات مضنية في مجال إنشاء قاعدة المعلومات عن العدو ، ثبت تطابقها مع الواقع الميداني الإسرائيلي بالإضافة إلى مقاومة التجسس في مرحلة التحضير للمعركة وحرب الإستنزاف وإدارة المعركة إلا ان جيل هذه الفترة لن يستجدي التكريم الذي شمل الجميع ، بصرف النظر ان عقيدته انه يعمل في صمت لتحقيق الأمن القومي المصري .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى