سياسة

حرب أكتوبر ٧٣

الحلقة الثانية

بقلم: لواء محمد رشاد
وكيل المخابرات العامة سابقا
ورئيس ملف الشئون العسكرية الإسرائيلية من بعد نكسة ٦٧ حتى كامب دافيد

الأبعاد العسكرية لمعركة العبور

* ان إستيعاب القدرات القتالية للعدو وعقيدته العسكرية في ادارة المعركة وتعامله مع الجبهات العربية كان محدودا مما ترتب عليه التالي:

* تكليف القوات السورية بتحقيق أهداف في المعركة على هضبة الجولان لا تتناسب مع حساسية وأهمية الهضبة لإسرائيل ورفضها المطلق لادارة المعركة مع القوات السورية عليها نظرا لتهديدها المباشر للأمن القومي الإسرائيلي .
* الضغط المستمر على الفريق أول أحمد إسماعيل لتطوير الهجوم شرقا لتحقيق الهدف الإستراتيجي لإحتلال المضايق بإعتباره من المبادئ الأساسية المقررة ، والتي لا خلاف عليها في الخطة إلى حد إتهامه بان هذا الهدف غير وارد في تصوره عن المعركة (حافظ إسماعيل ويؤيده اللواء الجمسي) ، ونظرا لأهمية هذا الموضوع فانه يحتاج إلى تحليله عسكريا لوضع حد لهذه الإتهامات كالتالي:

* ان رأي الفريق أول أحمد إسماعيل كان حكيما ينبع من معايشته معنا للعدو وقت ان كان رئيسا للمخابرات العامة وخاصة قدراته القتالية الجوية لإقتناعه بان الخروج من مظلة حائط الصواريخ المضادة للطائرات الإسرائيلية يشكل خطورة بالغة على القوات المصرية ويعرضها لخسائر كبيرة ، ولابد من المحافظة بصفة مستمرة على كفاءتها ، الأمر الذي يتطلب وقفة تعبوية ثم يلي بعد ذلك إستئناف الهجوم على ضوء تطور الموقف.
* ان الرأي الآخر لهيئة العمليات بان إستئناف الهجوم يترتب عليه إلتحام قواتنا مع قوات العدو ، الأمر الذي يحد من تأثير السلاح الجوي الإسرائيلي وان هذا الرأي مردود عليه من خلال معايشتنا للعدو بان ذلك الإجراء يتحقق فقط في حالة الدفاعات الثابتة للعدو مع انه يعتمد في عقيدته الدفاعية علي الدفاعات المتحركة ، والتي قوامها القوات المدرعة والمشاه الميكانيكية ، وتستمر القدرات القتالية لقواته الجوية مصدر تهديد مباشر للقوات المصرية خارج حدود مظلة حائط الصواريخ (د/جوي) المضاد للطائرات الإسرائيلية (١٥كم شرق القناة) .

* حققت القوات المصرية أهدافها من المعركة بنجاح كببر يفوق إمكانياتها نظرا للإنجازات التي تحققت ببسالة المقاتل المصري الذي رفض هزيمة ١٩٦٧ ، ورفض الإستمرار في حياة الخنادق المهينة وغير الآدمية في مواجهة الغطرسة الإسرائيلية شرقا ، والتي عندما أتيحت له فرصة الخروج منها رفض العودة اليها حتي لو كلفه ذلك حياته بالاضافة إلى ان قاعدة المعلومات عن العدو فرضت ان الأهداف المطلوب تحقيقها من المعركة لابد ان تتطابق مع الإمكانيات المتاحة وإدارة المعركة داخل حماية حائط الصواريخ م/ط .

* نجحت القوات المصرية في التصدي للهجمات المضادة الإسرائيلية على رؤوس الكباري ، وعززت مواقعها وأستمر ثبات إتزان الدفاعات شرق القناة وغربها بالشكل الذي سبب قلقا للولايات المتحدة الأمريكية لإنقاذ إسرائيل من الموقف العسكري المتهالك لقواتها وإمدادها جوا بالأسلحة والذخائر والمعدات لتعويض خسائرها إلى الحد الذي فتحت فيه مخازنها الرئيسية ، واقامة جسر جوي مباشر لمطار العريش .

*ولما كانت الإدارة السياسية للحرب لابد ان تنطلق من العمل العسكري الذي يتحقق في ميدان القتال الا ان ذلك لم يتحقق في تطوير الهجوم يوم ١٤ أكتوبر بعبور الفرقة ٢١ المدرعة شرقا لفشله في تحقيق اية أهداف عسكرية في نفس الوقت الذي إنتهت مبرراته قبل بدء تطوير الهجوم لتوقف القتال تماما على الجبهة السورية يوم ١٣ أكتوبر ، بالإضافة إلى الإنعكاسات السلبية على الموقف العسكري المصري ، وعبور القوات الإسرائيلية غرب القناة في منطقة الدفرسوار .

* كما نشير إلى المحاولات العربية ومحاولات الإتحاد السوفيتي لإشراك الأردن في المعركة ، إلا ان د .كيسنجر قد أتفق مع الملك حسين على عدم فتح جبهة قتال مع إسرائيل وإغرائه بالمساعدات الأمريكية ، كما نشير إلى قرار العراق بالإشتراك في المعركة يوم ١٠ أكتوبر وإرساله الفرقة الثالثة المدرعة إلى سوريا ، وفي نفس الوقت أعلن الأردن التعبئة لخدمة المجهود الحربي ، ودفع لواء مدرع لتأمين حدوده مع سوريا ، ودخلت الفرقة الثالثة المدرعة العراقية المعركة بالجبهة السورية يوم ١٢ أكتوبر القوات الإسرائيلية التي تجاوزت خط 6 أكتوبر ، ومع إستمرار القتال يوم ١٣ أكتوبر وتحرك اللواء المدرع الأردني في إتجاه الجبهة السورية توقف القتال على الجبهة السورية تنفيذا للرغبة الأمريكية بعدم فتح جبهة قتال مع الأردن .

* وعلى ضوء ما سبق فلقد تحملت قيادة القوات المسلحة المصرية وتشكيلاتها عبء الثغرة حيث إنها لم تكن طرفا رئيسيا فيها ، وفوجئت بها نتيجة قصور وأداء وحدات الإستطلاع كما تحملت عبء إسقاط ٣ لواءات مدرعة (٣٣٠دبابة) من حجم القوات المدرعة الإسرائيلية في مرحلة التخطيط للمعركة ، والذي ثبت من خلال إدارة العدو لمعركته القتالية إشتراكهم فيها علما ، وللتاريخ ان المخابرات العامة كان تقديراتها للقوات المدرعة الإسرائيلية يتطابق مع حجم القوات المدرعة التي اشتركت في المعركة شرقا وغربا .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى